تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاتها مقدسات الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 غيرعابئة بمشاعرهم أو احتجاجاتهم، وتمادت في الاستيلاء على مقابر المسلمين هناك لتحويلها إلى فنادق وحتى مخازن وحظائر.
وتجرى أحدث حلقة في مسلسل الانتهاكات الإسرائيلية المستمر في يافا المدينة التاريخية الثانية في فلسطين بعد القدس والتي عرفت بعروس البحر.
ويقول تقرير نشره موقع 'الجزيرة نت' القطري اليوم الاحد ان السلطات الإسرائيلية تستعد لبناء فندق خمس نجوم على مقبرة القشلة الإسلامية التاريخية الملاصقة للمسجد الكبير في يافا.
أملاك الغائبين
وبعد الاستيلاء على المقبرة المملوكية الممتدة على عشرات الدونمات بواسطة ما يعرف بقانون 'أملاك الغائبين' الذي سنته إسرائيل لمصادرة أملاك من هجرتهم من ديارهم عام 48 تم بيعها لشركة إسرائيلية تخطط لبناء فندق سياحي كبير عليها.
من جانبها مؤسسة الأقصى للوقف والتراث قدمت اعتراضا في لجنة التخطيط والبناء لمنطقة تل أبيب يافا التي ستبت به قريبا فيما يرجح أن يصادق على البناء استنادا لتجارب مماثلة في الماضي. وتنضم مقبرة القشلة لعشرات المقابر الإسلامية ومئات المساجد التي هدمت أو حولت مخازن وحظائر وملاه ليلية ومطاعم وكنس.
ويشير مسؤول ملف المقدسات بمؤسسة الأقصى عبد المجيد إغبارية إلى مصير مقبرة عبد النبي في يافا بعدما شيد عليها فندق هيلتون قبل عقود والذي تعتبره وزارة السياحة الإسرائيلية درة تاج فنادقها.
ويذكر إغبارية بعض مقابر حيفا والقدس الغربية المحتلة عام 48 التي لاقت نفس المصير وأبرزها مقبرة مأمن الله التي أقيمت عليها مبان متعددة ومدت الشوارع على حسابها، قبل ان يقام مؤخرا متحف 'للتسامح الديني' على ما تبقى منها.
ولم تنج مقبرة الجماسين في يافا من المصير ذاته فقد تم تمرير شارع على حسابها ومد أنبوب لمياه الصرف داخلها في الثمانينيات من القرن الماضي.
ولم يكن مصير مقبرة طاسو أفضل حالاً فقد صادرت السلطات الاسرائيلية في 2008 ثلثي مساحتها وباعتها لشركات تطوير بهدف بناء مبان سكنية وتجارية كما حوّلت مقبرة سلمة إلى شقق سكنية. أما مقبرة قرية الشيخ مؤنس التي تقوم عليها جامعة تل أبيب فقد أنشئت على جزء من ترابها بنايات وتحوّل جزء آخر لمواقف سيارات كحال مقبرة العفولة ومقبرة الطنطورة.
أما العشرات من المقابر الإسلامية فتكابد الإهمال والتخريب ولا سيما أن الريفية منها صارت جزءا من مراعي الأبقار كما هو حال مقبرة صفد الكبرى مما يعرض أضرحتها للمزيد من التخريب.
وقال عبد سطل - وهو ناشط أهلي من يافا -: 'لا يدرك نزلاء هذا الفندق المبهورين بفخامته وبطلّته الرائعة على بحر يافا أنهم يقفون على رفات أموات المسلمين في مقبرة اغتصبتها الحكومة الإسرائيلية وهدمت معظمها'.
ويضيف أن السلطات الإسرائيلية تصطاد عصفورين بحجر واحد فهي تستولي على أراض ثمينة وتغير معالم البلاد ضمن مخطط مبيت يهدف طمس معالمها العربية الإسلامية.
ويحكي سطل محاولات تحويل مسجد حسن بيك لمتجر كبير فقال: 'استدعينا رئيس بلدية تل أبيب يافا الأسبق شلومو تشيتش لزيارة المسجد واطلاعه على أهميته'. ويضيف 'لما خرج تشيتش من المسجد وجد أن حذاءه قد سرق فأُصبنا بالحرج وسارع أحدنا لشراء حذاء جديد، وبعد ساعة رن هاتفه في مكتبه وعلى الخط الثاني قال مواطن يهودي يساري إذا أوجعتك سرقة حذائك فلك أن تتخيل الألم الناجم عن سرقة مسجدهم بعد احتلال مدينتهم'.