رؤية من الداخل
معتقل بيت إيل
المعتقلون الفلسطينيون ينامون فيه كالأسماك في
زنازين ضيقة ينعدم فيها الهواء و الشمس
بيت آيل
الذي يعني بيت الآلهة و الذي تتخذ منه سلطات الاحتلال مقراً لما
يسمى مقر الإدارة المدنية بالضفة الغربية و مستوطنة ضخمة تحلّ فيه
النقمة و المعاناة على المعتقلين الفلسطينيين و تحوّل من بيت
الآلهة إلى غضب الإله وفق المعطيات المعاشة للمعتقلين بسبب
العنصرية و الوحشية المبرمجة التي يعايشها الأسرى هناك .
و قد أدلى
عددٌ من المعتقلين في مقر توقيف بيت إيل شهادات إلى محامية نادي
الأسير فاطمة النتشة التي زارتهم في السجن كشفوا أن المعتقلين
الفلسطينيين في معتقل بيت آيل يعيشون ظروفاً قاسية للغاية إذ
يحرمون من إبلاغ ذويهم بمكان وجودهم بالأساس ثم تتم مصادرة
مقتنياتهم الشخصية و غالباً ما تتم سرقة ممتلكاتهم النقدية و سبق
أن تقدّم عشرات الأسرى بشكاوى لإدارة مصلحة السجون بهذا الصدد دون
جدوى .
و قال
تقرير صادر عن نادي الأسير إن الأسرى في معسكر بيت آيل يحرمون من
الخروج لساحة النزهة بسبب عدم وجود ساحة بمفهوم الساحة المعروف إذ
إن المكان المخصّص للنزهة عبارة عن ساحة خلفية لمبنى المقر مساحتها
لا تتجاوز 3×3 متر مربع محاطة بالأسلاك الحديدية من جهاتها الأربع
و مسقوفة بأسلاك شائكة أيضاً .
و أضاف
التقرير أنه على صعيد النظافة لا يوجد ما يمت للنظافة بصلة في ذلك
المكان حيث الرطوبة ، و العفونة و الحشرات تملأ المكان و لا يوجد
مواد تنظيف و لا وسائل تهوية . أما النظافة الشخصية للمعتقلين تكاد
تكون معدومة فترى الأسير القابع في المقر منذ أيام في ذات الملابس
التي اعتقل بها نظراً لعدم وجود ملابس بديلة من إدارة السجن إذ
تعتمد الإدارة على ما يدخل للمعتقلين من ملابس و احتياجات على أيدي
المحامين الذين يتمكّنون من إجراء الزيارة فقط و التي لا تتجاوز
حاجة 30 % من المعتقلين نظراً لصعوبة نقل الملابس و الحاجيات
لمنطقة المقر بسبب عدم السماح للمحامين بالوصول إليه سوى سيراً على
الأقدام .
أما ما
يتمكّن الصليب الأحمر من إدخاله فهو لا يغطّي ربع احتياجات الأسرى
سيما و أن معتقل بيت آيل عبارة عن محطة يمر بها الأسرى و ينقلون و
يتبدّلون بسرعة فائقة تفوق سرعة أي مؤسسة في تغطية احتياجات هؤلاء
الأسرى . لا يسمح في بيت آيل بالاستحمام و استخدام المياه كما يجب
و إن سمح لهم بالاستحمام فلا يوجد ما يبدّلون به ملابسهم مما
يحفزهم على البقاء دون استحمام .
و بخصوص
الطعام المقدّم للأسرى فهو سيّئ جداً نوعاً و كماً و قد احتج
الأسرى مؤخراً على قلة كمية الطعام و سوء نوعيته و قاموا بإعادة
الطعام أكثر من مرة .
و من ناحية
العناية الصحية فقد أفاد الأسرى بوجود طبيب يقوم بمعاينة الأسرى
المرضى هناك و قد يوصي أحياناً بوصفة طبية معينة إلا أن إدارة
السجن غالباً لا تنفّذ ما أوصى به الطبيب و قد يتم نسيان أو تناسي
إعطاء الدواء للمريض في موعده و غالباً ما يتم إعطاء المريض دواءً
بديلاً من دوائه الأصلي.
و قال
الأسرى إنهم يعانون من البرد الشديد في ظلّ عدم وجود ملابس كافية
من جهة و عدم وجود وسائل تدفئة من جهة أخرى ، كما أن الغطاء
المستخدم من قبل الأسرى عبارة عن بطانيات قذرة ذات روائح كريهة .
و لا يوجد
في مقر توقيف بيت آيل سوى مرحاضٍ واحد فقط يقع خارج غرف السجن و
يضطر كافة الأسرى لاستخدامه لمدة ربع ساعة فقط صباحاً و ربع ساعة
أخرى مساءاً بغض النظر عن عدد الأسرى الموجودين .
و من الصعب
جداً على الأسرى في بيت آيل التفاهم لغوياً مع سجانيهم الموجودين
هناك و هم عبارة عن جنودٍ من الروس لا يتحدثون العربية نهائياً . و
شكا الأسرى أنه لا يتم تبليغهم بما وصل إليه وضعهم القانوني و فيما
إذا كان قد حصل الأسير على أمر إداري أو حكم إداري أو حتى أمرٍ
بالإفراج عنه أو حكم بالغرامة أو الكفالة و ما إلى ذلك . و يذكر أن
عدد الأسرى في بيت آيل يصل ما بين 20 - 30 أسيراً .
و الأسرى الذين التقتهم المحامية النتشة و
أدلوا بشهاداتهم هم :
1- لؤي
عثمان حسين غشاش من بيتونيا - 37 عاماً - معتقل منذ 11/2/2003 .
2- رياض
فخري عارف خليفة من كفر نعمة / رام الله - 23 عاماً - معتقل منذ
11/2/2003 .
3- بلال
يعقوب زيد من الجلزون - 15 سنة - معتقل منذ 30/1/2003 .
4- عودة
عيد سليمان الخطيب من حزما - 39 عاماً - معتقل منذ 9/2/2003 ، و هو
أسير اختطف من سيارة الإسعاف على حاجز قلنديا حيث كان من المقرّر
نقله للمستشفى نتيجة إصابته بشظايا رصاص من قبل الجنود الصهاينة
الموجودين على حاجز قلنديا .
5- ياسر
صبحي نجداوي من جنين - 24 عاماً - اعتقل في 9/2/2003 .
6- أسامة
عبد الله الفقيه من كفر عين / رام الله - 24 عاماً - اعتقل في
13/2/2003 .
7- جمال
محمد طوافشة - 26 عاماً - من سنجل / رام الله ، اعتقل في 10/2/2003
.
و في زيارة
لاحقة لبيت آيل قالت محامية نادي الأسير الفلسطيني فاطمة النتشة إن
30 أسيراً في معتقل التوقيف في بيت آيل يعيشون ظروفاً قاسية للغاية
، و أن 6 زنازين يقبع بها الأسرى لا تحتوي على أدنى معايير الظروف
الصحية و المعيشية المطلوبة ، جاء ذلك خلال زيارة المحامية للأسرى
في بيت آيل يوم 3/3/2003 .
و قد شكا
الأسرى حسب تقريرٍ آخر صدر عن النادي من سوء الطعام كماً و نوعاً و
أن وجبة الإفطار الدائمة هي اللبنة أما الغذاء فهو مواد مطبوخة مع
الأرز لا يعلمون ما هي و لا يمكن تمييزها ، أما العشاء فهو عبارة
عن بيضة مسلوقة و قطعة خبز .
و اشتكى
الأسرى من روائح الزنازين الكريهة و من عدم وجود تهوية نهائياً و
لا يتم إخراجهم إلى ساحة النزهة لرؤية الشمس و استنشاق الهواء . و
لا يعلم معظم الأسرى في بيت آيل سبب اعتقالهم و لا ماهية التهم
الموجّهة إليهم و لا يعلمون مدة توقيفهم و يتم إجراء تمديد توقيفهم
غيابياً في المحاكم دون حضورهم .
و قالت
المحامية النتشة إنها تمكّنت من دخول زنازين الأسرى و اكتشفت على
أرض الواقع مدى المعاناة التي يعيشها أسرانا في ذلك السجن أو
بالأحرى في تلك المقبرة التي تشير إلى مدى الانتهاك الصارخ لحقوق
الإنسان في الحياة .
و السجن
عبارة عن ست زنازين بواقع ثلاث على كلّ جانب موجودات بشكل خطين
متوازيين ، كل زنزانة مقابلة للأخرى . و تقول المحامية النتشة (لدى
إلقائي نظرة داخل إحدى الزنازين من خلال فتحة الباب الوحيدة في
الزنزانة فوجئت بمشهد وجود ستة أسرى في تلك الزنزانة يجلس كلّ واحد
منهم بشكلٍ موازٍ للآخر و يلتفون ببطانيات مهترئة و يجلسون على
فرشات مبللة بالماء فينامون بطريقة لا يمكن وصفها سوى بطريقة وضع
الأسماك في علبة "الساردين" حيث ينام كلّ واحدٍ من الأسرى بشكلٍ
موازٍ للآخر ليتمكّنوا من التحرك أثناء نومهم ، و ينامون على
جنوبهم لضيق المكان و تنبعث من الزنازين روائح كريهة للغاية نظراً
لعدم وجود تهوية .
و لدى سؤال
المحامية عن 60 حراماً شتوياً تم إدخالها عن طريق الصليب الأحمر من
نادي الأسير دهش الضابط المسؤول الذي أجاب أنه أعطى كلّ أسيرين
حراماً واحداً فقط و احتفظ بالباقي مما دفع المحامية إلى تهديد
الضابط و إدارة السجن برفع شكوى عليهم بحجة تعمّدهم سرقة الحرامات
و إبقاء الأسرى في البرد دون غطاءٍ كافي .
و طالبت
المحامية النتشة بإدخال طبيب إلى السجن نظراً لوجود حالات مرضية
إضافة إلى أنها طالبت بتشغيل (البويلر) ليتمكّن الأسرى من
الاستحمام و كذلك طالبت بإخراج الأسرى ساعتين على الأقل يومياً إلى
ساحة النزهة ليتمكّنوا من رؤية الشمس و تنفّس الهواء ، و قد وعد
الضابط المسؤول بتلبية هذه المطالب .
و فيما يلي أسماء الأسرى الذين التقتهم
المحامية في معتقل بيت آيل :
1- الأسير
محمد خميس محمود براش - سكان الأمعري - 24 سنة - اعتقل في
17/2/2003 ، حكم غيابياً دون حضوره المحكمة بتمديد توقيفه لغاية
7/3/2003 .. و الأسير المذكور مصاب منذ حوالي سنة و نصف جراء
انفجار قنبلة به فقد على إثره ساقه اليسرى (مقطوعة من الركبة) و
يمشي بساق بلاستيكية بواسطة عكازات ، كما أنه فقد النظر بعينه
اليمنى و لا يستطيع النظر بعينه اليسرى سوى بنسبة 20 % فقط و يخشى
الأسير محمد من فقدان نظره نهائياً و يحتاج إلى عملية جراحية عاجلة
في عينه اليسرى .. كذلك يحتاج إلى عملية جراحية عاجلة في قدمه
اليسرى لوجود شظايا في الركبة و لا تزال موجودة ، و يقول إن
العملية الجراحية كانت مقرّرة له قبل اعتقاله و لم يتمكّن من
إجرائها بسبب الاعتقال ، و لم تتم معاينة الأسير محمد من طبيب
السجن نهائياً رغم خطورة وضعه الصحي . و الأسير محمد و منذ 14
يوماً يقبع في الزنزانة رقم (6) لوحده دون شريك و هذا يشكّل خطورة
عليه نظراً لحاجته الماسة لمن يساعده على الحركة نظراً لسوء وضعه
الصحي . و يقول الأسير إنه ينام على الأرض بعد أن قام بإلقاء
الفرشة الوحيدة الموجودة خارجاً نظراً لكونها مبللة بالماء و هو
ينام الآن على بطانية على الأرض و يغطي نفسه بغطاء واحد و وحيد و
هذا بالطبع يزيد من سوء وضعه الصحي .
2- أسامة
احمد علي مصطفى من رام الله - 32 سنة - اعتقل في 2/3/2003 ، تعرّض
للضرب أثناء اعتقاله و يعاني من ألم شديدٍ في أنفه و هناك آثار ندب
و جروح على جبينه من الناحية اليمنى . و هذا الأسير يحمل جواز سفر
أردني و يقيم في البلد منذ 8 سنوات و متزوج و لديه أطفال ، مهدّد
بالإبعاد خارج البلاد إلى الأردن و تم إبلاغه بذلك من قبل شرطة بيت
آيل .
3- الأسير
محمد عبد الرحمن الفروخ من رام الله – 27 عاماً - اعتقل في
23/2/2003 ، يشتكي من سوء الطعام المقدّم و يقول إنه لا يقدّم
للحيوانات و اشتكى من عدم السماح له بالاستحمام منذ اعتقاله . و
وجّه عيسى قراقع رئيس نادي الأسير الفلسطيني نداءاً إلى كافة
المؤسسات الحقوقية و الإنسانية التدخل السريع لتحسين ظروف
المعتقلين في بيت إيل و حصولهم و لو على أدنى حدّ من حقوقهم كأسرى
و معرفة ماهية التهم الموجهة إليهم و سبب اعتقالهم .