موضوع: الأسرى وضريبة الثبات على الحق السبت نوفمبر 07, 2009 12:05 pm
الأسرى وضريبة الثبات على الحق
بقلم/ رياض خالد الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بوزارة الأسرى والمحررين
بينما كنت اقرأ في سورة الشعراء وتمعنت في السرد القرآني الرائع لقصص أنبياء الله عز وجل مع أقوامهم ، التي لم يعجبها أن يخرج احد من بينهم يدعوهم إلى الثبات على الحق والعودة إلى الرشد ، والابتعاد عن المعاصي، والتزام طريق الهداية، فتوعدوا أنبيائهم بالسجن والتعذيب والإبعاد فقال فرعون لموسى (لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين)، وقال قوم نوح لنبيهم (لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين )، وقال قوم لوط لنبيهم ( لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين) .. أيقنت بان الله سبحانه وتعالى لا يسرد تلك القصص للتسلية ، إنما لأخذ العبرة والعظة ، وعندما تذكرت حال الأسرى في سجون الاحتلال وجدت الكثير من وجوه الشبه بين حال هؤلاء الأنبياء الذين نقتدي بهم ، وبين أسرانا في السجون الذين يدفعون ضريبة الثبات على المبادئ ، من أعمارهم وأرواحهم وأحلى سنين حياتهم ، وضحوا بأعز ما يملكون وطلقوا الدنيا من اجل أوطانهم واستعادة حقوقهم المسلوبة ، وتحرير رقاب شعبهم من سكين الجلاد المجرم . فلو نظرنا إلى تهديد فرعون لموسى عليه السلام بالسجن ، نجد أن الاحتلال يهدد أبناء شعبنا بالسجن والقتل ،ولم يكتف بالتهديد بل ينفذ يومياً عشرات التوغلات والمداهمات ، ويقوم بحملات اختطاف مسعورة طالت كافة شرائح المجتمع الفلسطيني ، ولم يسلم منها الطفل أو الشيخ أو المرأة ، أو من يتمتعون بالحصانة البرلمانية ، ولم يشفع المرض للمئات من المواطنين الذين تم اعتقالهم ، ومنهم من اعتقل وهو على كرسيه المدولب ،وبعضهم اختطف عن آسرة المستشفيات ومن سيارات الإسعاف، حتى وصلت نسبة الذين مروا بتجربة الأسر إلى 25% من مجموع الشعب الفلسطيني، كل ذلك لتغييب العناصر الفاعلة والناشطة التي تقف سداً منيعاً وتحول دون الاحتلال وتنفيذ مخططاته الإجرامية بحق أبناء شعبنا ، وقتل روح الإرادة والتحدي والمطالبة بالحقوق لدى أبناء شعبنا المرابط ،والرضوخ والتسليم لمنطق القوة والعربدة التي يمارسها فرعون هذا العصر على الشعب الفلسطيني ، تحت نظر ومسمع العالم الذي يدعى الديمقراطية وحقوق الإنسان ، ويشَّرع القوانين لذلك . ثم تهديد قوم نوح لنبيهم بالرجم ، فالمتابع لأوضاع الأسرى داخل السجون وما يجرى ضدهم من تعذيب وتضييق يدرك جيداً بان منطق قوم نوح ليس بدعاً من القول ، فها هو الاحتلال الاسرائيلى يمارس أبشع أساليب التعذيب (الرجم) والتنكيل بحق الأسرى ، ولا ينتهي التعذيب بانتهاء فترة التحقيق بل يمتد إلى أن يمَّن الله على الأسير بالإفراج، بل وأحياناً تمتد أثاره إلى ما بعد الإفراج حيث خرج العديد من الأسرى بإعاقات نفسية وجسدية من سجون الاحتلال . كذلك يمارس الاحتلال الرجم حتى القتل بحق الأسرى، سواء بشكل مباشر كما حدث مع الأسير الشهيد (محمد الأشقر) بإطلاق النار على رأسه مباشرة في سجن النقب الصحراوي ،أو بالتعذيب القاسي الذي ارتقى نتيجته أكثر من(70) أسيرا شهيدا، أو بشكل غير مباشر بترك الأسرى فريسة للأمراض الفتاكة التي قتلت حتى الآن منهم (48) أسيراً ، وننتظر في كل لحظة الضحية الجديدة رقم (49) في ظل وجود أكثر من (1400) أسير مريض ، منهم (17) أسيرا يعانون من مرض السرطان القاتل، ولا يقدم لهم سوى الاكامول السحري . ثم تهديد قوم لوط لنبيهم بالإخراج (الإبعاد) ، فهذه سياسة قديمة جديدة استخدمها الاحتلال لعقاب الفلسطينيين بشكل جماعي، ولم يستثن منها الأسرى في السجون، والتي كان آخرها إبعاد الأسير( صهيب حسين عليان ) من القدس المحتلة إلى البرازيل بعد اعتقال لمدة عام ، ثم تلاها إبعاد الأسيرة (أحلام جوهر) من نابلس إلى الأردن بعد اعتقال وتعذيب دام شهرين ،وكذلك مساومة الأسيرة (نورا الهشلمون) بالإبعاد إلى الأردن وأبنائها الستة ،أو البقاء في السجن لفترات طويلة ، والتي فضلت بكل شجاعة الخيار الثاني على أن تكون حلقة في سلسلة الإبعاد عن الوطن ، وبصمودها لم يجد الاحتلال بُدا من إطلاق سراحها بعد عامين ونصف من الاعتقال الادارى . وهكذا نرى أن الأسرى في سجون الاحتلال يدفعون كما الأنبياء ضريبة الثبات على الحق والتمسك بخيار المقاومة والممانعة ، لكن الله سبحانه وتعالى في سياق الآيات في نفس السورة كشف لنا مصير الظالمين حتى نوقن بان الله لم يضيع أولياءه ، فكان مصيرهم الزوال والاندحار، وكان النصر للثابتين على الحق الصابرين على الابتلاء ، وهكذا هم أسرانا بإذن الله تعالى لن يضيعهم ربهم أو ينقصهم أجورهم ،وسيجعل الفرج قريباً، وستكون العاقبة للمتقين الصابرين ، أما الظالمين فسيتكفل بهم سبحانه وتعالى كما توعدهم فى ختام السورة بقوله ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقَلَبٍ ينقلبون) " وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ".
أميرة العشاق نائب الإدارة
مساهماتـﮯ : 257عمرـﮯ : 29نقاطﮯ : 345اهتماماتـﮯ : طالبة في مدرسة الحياةتقيميـﮯ : 0الإنتسآبـ : 25/08/2009دولتـﮯ : جنــة الدنيا
موضوع: رد: الأسرى وضريبة الثبات على الحق السبت نوفمبر 07, 2009 12:30 pm